جمال فياض حسنات رامي عياش الوحيدة الواضحة.. ولفناني لبنان “حسناتكم المخفيّة وهميّة”!
حلّ الصحافي الدكتور جمال فياض ضيفاً عبر أثير إذاعة لبنان الحر وتحدّث عن واقع الأزمة اللبنانية الحاليّة وعن تقاعس الحكومة بعد مضي شهر على منحها الثقة، وأنّ البلد يغرق في الانهيار والإصلاحات في غياب شامل.
وفي الشقّ الفنّي أضاء فياض مع المذيعة وفاء شدياق على حفل الموريكس دور الأخير وصنّفه بالحدث الإيجابي الذي يضاهي بأهميّته إكسبو دبي 2020 في ظلّ الوضع المتردّي على أكثر من صعيد. وتطرّق لموضوع محوريّ عن الدور الذي يجب على الفنانين اللبنانيين أن يلعبوه للوقوف إلى جانب شعبهم وجمهورهم، وضرورة قيام مبادرات فعليّة تترجم بمشاريع وأعمال إنسانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حلول تخفّف عن مجتمعنا وطأة الانهيار الكبير.
شكى فياض بصراحة معلنة من تلكؤ الفنانين على مدى سنوات وقال “في ظلّ الأزمة التي تمرّ بلبنان لم أرَ فناناً قام بواجبه الإنساني تجاه وطنه وناسه”. واستثنى بكلامه النجم رامي عياش مشيراً أنّه “الوحيد الذي أسّس جمعية إنسانيّة ويقوم بمبادرات تعليم الأطفال وإنقاذ الأيتام ومساعدة العائلات المحتاجة”. وعبّر فياض عن امتعاضه من تجاهل الفنانين لمبادرات سعى بنفسه لإنجازها وتحويلها إلى مشاريع مثمرة يستفيد منها اللبنانيون وتحديداً الفئات الأكثر حاجة. تحدّث على وجه الخصوص عن فكرة قيام مستشفى مجاني خاص بالأطفال المصابين بالسرطان وأكّد عرضه للفكرة منذ سنوات طويلة على كبار النجوم وعدد كبير منهم. إلّا أنّه لم يلق أي تجاوب وأنّ أحداً لم يأخذ الأمرعلى محمل الجد باستثناء رامي عياش الذي قال أنا جاهز ومستعد وقدّم قطعة أرض كركيزة أولى للمباشرة بالمشروع. وأضاف فياض “كلّما التقيت برامي أسأله أين أصبح موضوعنا يجيبه أنا حاضر والأرض موجودة”. يتابع فياض “هل يكفي أن يلبّي فنان واحد هكذا نداء إنساني ومشروع ضخم فيما يتغافل باقي الفنانين؟!”
أمّا اليوم فاللبنانيون جميعهم متروكون لمصير مجهول وتداعيات تتفاقم يومياً وتضيّق فرص النجاة، يعتبر جمال فياض أنّ على الفنانين اللبنانين اليوم بشكل استثنائي مسؤولية مجتمعية وإنسانية عليهم إثباتها فعلاً لا قولاً، ويفسّر موقفه أنّ الفنان اللبناني لا يزال بألف خير فأموالهم المحتجزة في المصارف ليست حجة لأنّ نشاطاتهم الفنيّة وحفلاتهم في الخارج تعود عليهم بالعملة الصعبة، ما يؤكّد إمكانيّتهم الماديّة في إقامة المشاريع وتأسيس الجمعيات الخيرية الموثوقة التي من شأنها تقديم حلول بديلة في ظلّ غياب القيادة والحكم السليم عن وطننا. أو على الأقلّ عليهم الاستعانة بعلاقاتهم مع المتمولين العرب ورجال الأعمال الذين يملكون حس المبادرة والأيادي البيضاء للمساهمة في تقديم مساعدات ملموسة لأبناء وطنهم. معتبراً أنّ الفنانين هم وجه لبنان الحضاري والثقافي والصورة التي تمثّل وطننا بأفضل المعايير وأنّهم فخر لبنان وشعبه.
تقاطعه المذيعة مدافعة ومقتنعة بتلك الترّهات هناك نجوم يقومون بأعمال خير مخفية ولا يحبون الإفصاح عنها. جاء جوابه واضحاً ومختصراً وموجّهاً للفنانين الذين يأخذون الحسنات المخفية ذريعة للتطنيش عن واقع الحال. “لم نعد نريد خيراً في السر دعونا نعرف ماذا تقدّمون للناس وكم طفلاً تعلّمون وكم عائلة تنقذون.. اكتفينا كلاماً نريد أن نرى خيركم الذي تتستّرون عليه بحجّة عدم الإعلان عنه ويتابع “أخبروني وأنا سأنشر عن أعمالكم الخيريّة”.
ذكر فيّاض مبادرة البوب ستار الأخيرة وتحدي التعلم الذي أطلقه مؤخّراً وهدفه تسمية المشاهير وتحديهم للتكفّل بتعليم طفل لبناني لسنة كاملة، وأبدا تفاجؤاً من بعض الإنتقادات التي طالت رامي وتسميته للنجوم بحجّة أنّهم يفضّلون تقديم المساعدة بشكل سرّي دون الإفصاح عنها عبر السوشال ميديا. إلّا أنّ هذا التحدي يكشف الكثير من الخبايا والنوايا المصروفة فعلاً للمبادرات والاستجابة مع كلّ مشروع يخدم الناس والجمهور الذي هو القاعدة والأساس في وصول الفنان ونجاحه وسطوعه، حتى علا وتعالى عن هموم الناس فلم تعد تمسّه أوجاعهم فأنينها لا يخترق الأبراج العاجيّة.
نضيف إلى كلام الدكتور فياض استغراباً لحجم التناقض الذي يعيشه فنانو لبنان، بعضهم يشارك بالحديث عن الأزمة عبر حساباته الشخصية على وسائل التواصل والتفاعل مع تداعياتها اليومية، لكننا لا نشهد له أيّة مبادرات. وهناك نوع يبادر في نشر طلبات النجدة واستعراض الحالات الإنسانية ومصائب الناس ويناشدون غيرهم بالمساعدة لكننا لا نلمس مشاركتهم بالحلول إلّا من خلال صور ينشرونها طلباً لدواء معيّن أو حاجة ملحّة للاستشفاء أو منحة تعليميّة. والنوع الأخطر من الفنانين هؤلاء الذين يدّعون تحفّظهم على إعلان المبادرات أو المساهمة العلنيّة بمساعدة أصحاب الحاجة، وعند إحراجهم إعلامياً بالسؤال يتذرّعون بأنّ الخيرعمل سرّي لا يجب الإفصاح عنه وتصل البلاغة بالبعض للاستشهاد بالأقوال المأثورة للعظماء وحتى الفتاوى الدينيّة.
وحده رامي عياش يتفرّد بالمبادرات الإنسانيّة عبر جمعيّته عياش الطفولة بكلّ ما يتعلّق بالأطفال وقضاياهم. ولديه مبادرات فرديّة لجهة تأمين الأدوية أو الاستشفاء ومساعدات أخرى مختلفة تزداد يومياً مع تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية. رامي يشعر فيندفع فيبادر فيعلن عن نشاطه الإنساني، ليس حبّاً بالاستعراض إنّما لنقل عدوى الخير وتعميم ضرورة الاستجابة لأصحاب القدرة. ينطلق رامي من منطق الجميع مسؤول وعليهم المساهمة في التخفيف من أعباء أخوتهم في الوطن. ولأنّ التكاتف في الأزمات يصنع فرقاً حيث أنّ اليد الواحدة مجهودها جبار إنّما إنجازها لا يكفي حاجة الجميع.
الوضع اللبناني ليس صعباً ولا متأزّماً بل أصبح خانقاً والظرف يزداد استنفاذاً لصبر الناس وقدراتهم على المضي بأسوء حال. اللبناني ليس بخير وصحّتنا النفسيّة فاقت طاقتها على التروي والتأقلم مع الواقع.. أطفالنا ليسوا بخير جئنا بهم إلى حاضر مسلوب ومستقبل مهدّد.. إن نويتم الخير ستجدون طريقه، دون أن يدلّكم عليه أحد. المساعدة السريّة جانب مضيء لا بدّ منه، إنّما الظرف الحالي يفرض على الفنانين إعلان إنسانيّتهم والقيام بما يمكن لإثبات واجب التضامن والإنتماء لمعاناة الآخرين وتفادي الكوارث الاجتماعيّة.
في غياب الدولة والمؤسسات أنتم الفنانون أولى ببعض الإنقاذ. بالله عليكم إعملوا بصمت وأنجزوا ما عليكم وإنجحوا لنفرح ونزداد بكم فخراً أو اصمتوا وخفّفوا عن الناس ثقل شعاراتكم الرنانة الغارقة في الاستعراض.
أليسار جابر
للإستماع الى الحوار كاملاً:
https://fb.watch/8mPKERGMVl/