نجوم ومشاهير

«عبدالكريم الخليل: مشعل العرب الأول 1884-1915» السادس من أيار: احتفال وتوقيع كتاب في ساحة الشهداء

للمرة الأولى منذ 42 سنة تتوجه عائلات شهداء السادس من أيار إلى ساحة الشهداء وسط بيروت السبت المقبل للاحتفال بالذكرى السنوية لإعدام مجموعة من أبنائها الأبرار على يد الحاكم العثماني لبلاد الشام آنذاك أحمد جمال باشا.
وكانت الإحتفالات بهذه المناسبة الوطنية توقفت في ساحة الشهداء بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية سنة 1975، وبادرت عائلات الشهداء بالتنسيق مع محافظ بيروت القاضي زياد شبيب إلى إستعادة الساحة هذه السنة للمرة الأولى بعد الحرب الأهليةلإحياء هذه الذكرى قرب تمثال الشهداء الشاهد على تلك الحرب والذي اخترقته رصاصات المتقاتيلين آنذاك.
يتخلل الاحتفال توقيع كتاب «عبدالكريم الخليل: مِشعل العرب الأول 1884-1915» الصادر عن دار الفارابي لمؤلفه الزميل الباحث الصحافي يوسف خازم. ويكشف هذا الكتاب معلومات تُنشر للمرة الأولى، عن دور الشهيد عبد الكريم الخليل في النهضة العربية أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وتأسيسه أول جمعية عربية سرية في استانبول سنة 1905 تنهج العمل السياسي والعسكري من أجل انفصال البلاد العربية عن الإمبراطورية العثمانية وتأسيس الدولة العربية المستقلة. شمل نشاط الشهيد الخليل كل بلاد الشام إلى جانب العراق ونجد والحجاز واليمن حيث كانت له اتصالات مع أعيانها وقادتها، خصوصًا إمام اليمن حينها يحيى حميد الدين.
اعتمد المؤلف في جزء من الكتاب على مخطوطات كان يُعدها المؤرخ الراحل عجاج نويهض لكتابة سيرة الخليل، إلى جانب شهادات شفوية من عائلة الشهيد، ومصادر أخرى وأوراق كانت مبعثرة كتبها معاصرون. وكشف جمعُ كل تلك المعلومات بعد وضعها في سياقها الدور الرائد والمميز لعبد الكريم الخليل في استنهاض الأمة وتأثيره الكبير في الحركات الثورية التي نشطت بعد استشهاده.
أدرك عجاج نويهض وهو يبحث في سيرة الشهيد الخليل مطلع الخمسينات الدور الخطير لهذا الرجل فأطلق عليه صفة «شهيد العرب الأول… وشهيد العرب المكرم… ومشعل العرب الأول». وزاد في مخطوطاته أنه كان «لسان حال العرب في الحركة (العربية). فبروزه القومي لا يجعله قائد الرعيل ورأس القافلة وكفى، بل كشف بأخلاقه الفريدة عن شخصية نادرة المثيل في التجرد والإخلاص، ودفعت الناس بكل قواها على القضية العربية».
ويكشف هذا الكتاب الدور المهم لعبد الكريم الخليل خلال مفاوضاته مع الدولة العثمانية باسم العرب للحصول على حقوقهم المدنية علنًا، وعن نشاطه السري في الوقت ذاته، لتنظيم التعبئة العسكرية بين الضباط والعسكريين العرب في الجيش العثماني وحضهم على المشاركة في في برنامجه للاستقلال عن الدولة. ويعرض للمرة الاولى كيف كان نشاطه السياسي القومي العربي مصدر قلق للحركة الصهيونية التي زرعت جواسيس في مقره«المنتدى الأدبي»، وربما كان عملاؤها من بين الذين تسببوا باعتقاله ثم إعدامه لاحقًا على يد جمال باشا.
يبدأ الكتاب ( 12 فصلًا في 423 صفحة) بعرض عن كيفية جمع معلومات كانت مبعثرة وغير معروفة وينشرها للمرة الأولى عن عبدالكريم الخليل ودوره في تأسيس الحركة العربية واستنهاض الأمة العربية مطلع القرن العشرين. ثم يعود إلى تاريخ نسب عائلته المهاجرة من قرية شحور في جنوب لبنان إلى ضاحية بيروتالجنوبية، ويسرد سيرته الذاتية إلى جانب وقائع تعكس توجهه السياسي والثقافي والاجتماعي.
ويتناول يوسف خازم في الفصل الرابع :«عبد الكريم الخليل وحال الأمة» واضعًا هذه الشخصية المميزة في سياقها التاريخي، فيعود إلى الحقبة التي ولد فيها سنة 1884 وما بعدها خلال نشأته ثم إقامته في إستانبول للدارسة والعمل السياسي، ليصف حال البلاد العربية آنذاك. ثم ينتقل إلى نشاطه في الجمعيات العربية وتأسيسه عدد منها، خصوصًا «المنتدى الأدبي». ويكشف في هذا السياق تأسيسه أول جمعية عربية سرية باسم «الشبيبة العربية» كانت تعمل لإنفصال البلاد العربية عن الإمبراطورية العثمانية باستخدام العمل المسلح. ويُبين كيف التحق أنصار عبد الكريم الخليل وأعضاء جمعيته السرية بعد استشهاده بالثورة العربية الكبرى التي قادها شريف مكة حسين بن علي وابنه الأمير فيصل وأدت إلى طردالعثمانيين من البلاد العربية سنة 1918 بمساعدة بريطانيا، وذلك خلافًا لخطة الخليل التي كانت تسعى لثورة عربية خالصة من دون التعاون مع البريطانيين أو أي جهة أجنبية.
ويكشف الكتاب الدور الرائد الذي مارسه الخليل، قبل مئة سنة، في وضع برنامج لتوحيد التعليم في البلاد العربية، وتركيزه على أهميته في استنهاض أبناء الأمة الذين كانوا ضحية محاولات التتريك وإلغاء عروبتهم. ثم يعرض حال الدولة العثمانية في فترة نضاله السياسي قبل أن يتطرق إلى المؤتمر العربي الأول الذي انعقد في باريس سنة 1913 وقراراته ودور الخليل في منع أنصار فرنسا في المؤتمر من فرض أجندتهم على قرارات المؤتمر.
الفصل العشر من الكتاب يسرد تفاصيل تحضيرات الخليل لثورته على الحكم العثماني، وهي تُنشر للمرة الأولى أيضًا، إلى جانب الوشايات ضده ودور الحركة الصهيونية العالمية في التجسس عليه وربما الإيقاع به، وصولًا إلى اعتقاله وسوقه إلى ديوان الحرب العرفي في عاليه مع رفاقه ومحاكمتهم ثم إعدامهم.
في الكتاب تفاصيل أخرى مثيرة عن مساعدة والدة عبدالكريم الخليل ابنها في شراء اسلحة لرجاله، وعن سر خديوية بلاد الشام الذي باح به جمال باشا لعبد الكريم الخليل. وكذلك تفاصيل عن زرع الحركة الصهيونية جواسيس في «المنتدى الأدبي» للتجسس على نشاط الخليل في منع هجرة اليهود إلى فلسطين وشراء أراض فيها، وكلمته أمام السلطان العثماني محمد الخامس في هذا الشأن.
______________________________________
المؤلف
يوسف خازم صحافي وباحث ومستشار إعلامي خبير في تأسيس وإعادة هيكلة مؤسسات إعلامية وتطويرها. عمل في هذا المجال مستقلًا ومع هيئة الـ«بي.بي.سي. وورلد سيرفيس تراست»البريطانية و«المجلس الثقافي البريطاني» و«المعهد السويدي لتعليم الصحافيين» و«إنترنيوز يوروب»، في كل من مصر والأردن وعُمان والسعودية وسوريا ولبنان والمغرب وليبيا والسودان وأوغندا وبريطانيا، و«المحكمة الدولية في لاهاي»، هولندا.
عمل صحافيًا لأكثر من 35 سنة في مؤسسات إعلامية عدة من بينها «السفير» في بيروت و«الحياة» و«الشرق الأوسط» في لندن و«الوطن» و«آراب نيوز» في جدة، وصحيفة «الوسط»الإلكترونية في القاهرة. غطى حروبًا وأحداثًا ميدانية في أكثر من 16 بلدًا، وهو حاصل على الماجستير في وسائل الاتصال الجماهيري من جامعة ليستر البريطانية.
________________________
الاحتفال
يوقع الزميل يوسف خازم كتابه «عبدالكريم الخليل: مِشعل العرب الأول 1884-1915» الذي يصدر عن «دار الفارابي» السبت 6 أيار في ساحة الشهداء وسط بيروت قرب التمثال.
يجري التوقيع خلال احتفال يقام في مناسبة الذكرى السنوية 102برعاية وحضور محافظ بيروت القاضي زياد شبيب الذي سيلقي كلمة في المناسبة إلى جانب كلمة لأسر الشهداء يلقيها الدكتور مصطفى سليمان حيدر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى