صحة وجمال

لبنانيّة تُربك الولايات المتحدة وتدعو المرأة إلى الثورة

المصدر: جريدة النهار

عَمِلت مع آلاف النساء من مُختلف أنحاء العالَم. ولم يكن عليها أن تنتظر طويلاً لتفهم أن المرأة هي نفسها في كل الأماكن. تأتيها في الجَلسة الأولى وفي بالها إنقاص وزنها، رغبةً منها في إشباع جوعها لتَرضي، لتَجذُب، ولتَلتزم المعايير القاسية التي يَفرضها عادةً المُجتمع.

ومن ثم تُساعدها في إكتشاف إنها في الواقع، جائعة للحُب.

جائعة لتَشعر بأنها مَحبوبة وأنها مَقدّرة.

أنه الجوع لشيء أكبر.وأكثر عُمقاً.

وتبدأ عندئذٍ الرحلة الداخليّة اليوميّة “اللذيذة” التي تَستريح على التَغيير.

الكَثير من التغيير.

لا بدّ من التَغيير لتَستَفيق المرأة من هذا السبات العَميق الذي تعيشه واقعها اليوميّ.

لا بدّ من ثورة تبدأ من الداخل.

ولا بدّ من أن تفهم المرأة أنها ليست ضحيّة، فلم هذا الإصرار على الاضطلاع بهذا الدور التراجيدي المُستمر؟
وتبدأ عندئذٍ الرحلة الجميلة المؤلّفة من مئات الأروقة المُزخرفة بالأكل الصحّي، والأفكار الإيجابيّة والطقوس التي تنطوي على العناية المُطلقة بالنفس، وبتحويل اللحظات “العاديّة” التي إعتدنا المرور عليها “مرور الكرام” قصصاً جميلة وطريفة تُروى.

وإن كانت في الواقع تندرج في إطار “الجلي والطبخ والتنضيف”.

وما أن تبدأ هذه الرحلة المُرتقبة حتى تكتشف المرأة التي كانت تعيش السبات العميق واقعها الأليم، بأن السُلطة كانت في مُتناولها “كل هالوقت” وأن ما من أحد كان يقف في طريقها.

كانت هي في الواقع من تقف في الطريق
نتالي صادر، لبنانيّة تقطن #الولايات_المتحدة، و”تُهيمن” منذ فترة على الإعلام الغربي الذي لا يملّ من إصرارها على تعزيز ثقة المرأة في نفسها على مُختلف الأصعدة ودعوتها إلى الإتصال بأنوثتها مُجدداً.

وإلى غضّ الطرف عن التفكير المُطوّل في المسائل وتحليلها.

فكل هذه “الحركات” تُبعدنا عن حَدسنا وعن الإجابات الكامنة في داخلنا.

فهل أجمل من أن نشعر، ونسمح تالياً لحدسنا بأن يُرشدنا؟

هل أجمل من أن تكون المرأة إمرإة؟

هي مُدرّبة شاملة (Holistic coach) وطاهية مُتخصّصة في الأكل النباتيّ ومُصوّرة مُحترفة، حائزة على شهادة الماجستير في علم النفس السريري.

يضمّ حسابها الشخصيّ على “إنستاغرام” ما يُقارِب الـ 60 ألف مُتابع يتفاعلون مع تقديمها للمأكولات التي تبتدعها بأسلوب جميل جداً، يُعطي أبعاداً جديدة لكل ما نتعامل معه عادة، “مَرقة طريق”.

تخرّجت صادر أخيراً من أكبر مدرسة مُتخصّصة في التغذية في العالم (مقرّها في نيويورك):

The Institute for Integrative Nutrition.

وانشأت شركتها الخاصة My Food Innergy وهي تُقدّم من خلالها الصفوف والمُحترفات لكل إمرأة ترغب في خوض رحلة التغيير إلى ذاك المكان الجميل الذي يُدعى الحياة!

وتؤمن صادر كما تروي لـ “النهار” في حديث معها إلى كاليفورنيا أن لعالمنا الداخلي دوره المحوري في حياتنا، والمسألة تتعدى بكل تأكيد التركيز فقط على الأكل الصحّي.

“بإمكاننا أن نأكل المأكولات الأكثر غذاءً وإفادة لنا ومع ذلك نشعر بالتعاسة وعدم الرضا. والسبب يعود إلى إهمالنا لعالمنا الداخلي الذي بفضله يُمكن أن نخلق الجسد الذي نحلم به وأن ننجح في مهنتنا ونبرع في حياكة علاقاتنا الإجتماعية على أنواعها، وبإختصار أن نخلق الحياة التي نحلم بها”.

تُعلّق قائلة، “كل ما فينا مُتصل بعضه البعض. ولكننا أحياناً نَنهمك في إيجاد الحلول خارج أنفسنا”.

والمدرّب الشامل (Holistic Coach) مُخوّل الإشراف على عافية الآخرين وهو مُستشار يأخذ على عاتقه أن يُلهم ويُحفّز الآخرين على القيام بخيارات صحيّة في حياتهم اليوميّة آخذاً في الإعتبار الجسد والعقل والروح ككيان واحد.
المدرّب الشامل لا يُركّز فقط على التغذية، بل يُسلّط الضوء على كل الأمور العالقة التي تقف في طريق الحياة الجميلة وتحول دون تحقيق الإنسان كامل إمكاناته.

من هنا ضرورة رسم خطة طريق مناسبة لكل شخص ومُصمّمة خصيصاً له، “وتعزيز الوعي في ما يتعلق بعادات معينة أو عواطف او أفكار منقوشة”.

وتعلّم صادر المرأة التي ترغب في تغيير مسارها بأن تنطلق دائماً، وفي كل المسائل المطروحة امامها من مكان يُزيّنه الحب والوفرة (abundance)، وليس الحرمان والنقص.

“والمأكولات التي أساعد المرأة في خلقها لا تتمحور فقط على المأكولات التي نضعها على الطاولة، بل هي أيضاً تلك التي نغذّي من خلالها العقل والروح”.

وفي ما يتعلّق بالعرض الجذّاب جداً للمأكولات، ترى صادر، “أننا نأكل في المرحلة الأولى من خلال العين. نحن كائنات تحركنا المتعة والوفرة. وعندما نقدم مأكولاتنا، أكنا بمفردنا أو مع الآخرين، بطريقة جذابة، يتعزز بداخلنا الشعور بالمتعة وتتعزز معه تالياً قدرتنا على مُعالجة المأكولات وإستيعابها بأفضل طريقة مُمكنة”.

وتشجّع صادر المرأة أن تأخذ كامل وقتها في تحضير المأكولات لتجعلها جذابة وشهيّة في الوقت عينه. فهذه المُمارسة تجعلها أكثر تركيزاً على اللحظة وتجبرها على الإبطاء وعلى تناول الطعام بطريقة واعية بدلاً من – التجريف – بطريقة لاشعوريّة و”كأننا نحاول أن نملأ الفراغ، أي فراغ قد نشعر به”.

تعلّق قائلة، “الطعام يعكس علاقتنا مع أنفسنا”، ولهذا السبب تتناول نتالي وعائلتها الصغيرة المأكولات النباتيّة والخالية من مشتقات الحليب والسكر واللحمة والأغذية المُصنّعة، “أؤمن بأن الغذاء له علاقة مباشرة بالطاقة، وعندما نأكل الحيوانات التي قد تعيش العذاب وسوء المعاملة والمرض بسبب الشروط الحياتيّة البائسة، نحن نسحب منها أيضاً كل هذه السموم والعذابات المُتكرّرة وننقلها إلى أجسادنا”.
أمّا “الشرّير الأكبر” بحسب صادر، فهو بكل تأكيد السكر الذي ربما خدّر الجسد أو الروح لكي لا يشعر الإنسان بالعذاب أحياناً، وربما زوّده بشعور مؤقت بالرضا، ولكنه سمّ خطير، ولا يحلّ المشاكل.

“تحويل النظام الغذائي وتزويد الجسد بالمأكولات الصحيّة القريبة من الأرض من العناصر التي تُعزّز في داخلنا الشعور بأننا نُساهم في خلق حياتنا وصحّتنا، ما يُعطينا القوّة”.

ولكن صادر لا تلجأ إلى منع المرأة من هذه المأكولات أو تلك، “بل جلّ ما أفعله بداية، هو دمج المأكولات الصحيّة في نظامهم الغذائي، ومع الوقت، يتم إستبعاد المأكولات غير الصحيّة”.
وتنصح صادر المرأة بتحويل الواجبات اليوميّة في المنزل إلى “إحتفالات” بالحياة وطقوسها، فهي على سبيل المثال عندما تطهو أو تنظف أو ترتّب، تستمع إلى الموسيقى وترقص على صدى الأنغام التي تُشعرها بأنها في الواقع تعيش لحظات جميلة، “ومش القصّة قصاص”!

“بإمكان المرأة أن تُبدّل حياتها، أن تنحتها، كما تُريد وبالطريقة التي تراها أكثر جاذبيّة. فأنا على سبيل المثال لا أميل إلى التنظيف وإلى غسل الأطباق بعد إستعمالها ولكنها عادات محورية في حياتي نظراً إلى كوني أطهو كثيراً. ولهذا السبب أبدّل واقعي وأجعله أكثر جمالاً من خلال الإستماع إلى الموسيقى والغناء والقيام ببعض الحركات الراقصة وكانني في الواقع أقدم عرضاً أمام جمهور عريض”.

نتالي صادر تُساعد المرأة من التحرّر من فكرة “الضحيّة” التي تُلازمها لسبب او لآخر، “المرأة ليست ضحيّة جسدها، او كونها وُلدت أنثى أو ضحيّة عائلتها أو ضحيّة أفكارها أو ضحيّة أحاسيسها. وجلّ ما أقوم به هو إرشادها في رحلة لإكتشاف الذات مُجدداً لتشعر بالوفرة والسعادة وبالعافية، وبانها قادرة أن تُحب وأكثر من قادرة على تغيير واقعها لتجعله أكثر إشراقاً. المرأة أكثر من قادرة على المُساهمة في خلق واقعها”.

كم جميل أن تكون المرأة إمرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى