هكذا تطوّر لغة أطفالك
المصدر ليفانت بوست
لتحسين لغة أطفالك ما عليك سوى التحدث معهم كثيرا، وأن تصغي لهم أكثر.
ما الذي يجب علينا أن نعلمه كآباء فيما يخص هذا الأمر؟
السنة الأولى من حياة الطفل مهمة جدا لتطوير لغته، ولكن السنوات اللاحقة تبقى ذات أهمية، حيث أن تطوير اللغة هي عملية مستمرة مدى الحياة.
في عامه الأول يقوم الطفل بتطوير أساسيات الكلام لديه، وفي السنوات الأولى يكون قادرا على سماع واستيعاب كلمات أكثر من تلك الكلمات القادر على نطقها. كما وأن تطوير لغة طفلك يدعم قدراته على التواصل والتعبير عن المشاعر وفهمها. وهو أيضا يدعم قدرته على حل المشاكل، وتوطيد العلاقات.
إن استخدام اللغة مع طفلك والاستمتاع بها، لهي أولى الخطوات في طريق محو أميته مستقبلاً، وكما تعد خطوة أولى تدفع الطفل مستقبلاً لإتقان القراءة والكتابة.
كيف نستطيع أن نكون فاعلين في دفع أبنائنا لتطوير وتحسين لغتهم؟
أبسط طريقة في سبيل ذلك ومعظمنا يعرفها، هي التحدث والتحدث مع أبنائنا، بشكل متكرر وبعفوية. ولكن ما قد يجهله بعضنا أو لا يعيره أي انتباه فيما يخص ذلك، هو أنه عليك ومنذ السنة الأولى لطفلك أن تتحدث معه كبالغ.
نعم، عليك التحدث معه كبالغ، وستكون أولى محاولاته في الرد عليك، تلك الأصوات العشوائية والضجة التي يصدرها. حتى وإن قام طفلك فقط بإعارتك انتباهه فهي أولى خطوات محاولاته للتكلم. لذا، عند قيامك بالتحدث مع طفلك الرضيع، أعطه دوره في التحدث، وهو سيحدثك بإحدى تلك الطرق.
وعندما يصدر طفلك صوتا ما حاول تقليد هذا الصوت، هذا سيضمن استمرار تجربة التحدث البدائية تلك مدة أطول، وسيضفي عليها متعة أكثر.
وفي خطوة متقدمة أكثر، عندما يبدأ طفلك باستخدام بعض الكلمات والإيماءات للتعبير عن حاجته لشيء ما، حاول على الفور تلبية طلبه ذاك، فهذا سيشجعه أكثر على المتابعة في استخدام رصيده هذا من الكلمات والإيماءات وسيدفعه لتطوير هذا المخزون.
على سبيل المثال، عندما يقوم طفلك بهز رأسه فترجمة ذلك الإيماء هو أنه يقول لك ”لا“ على أمر ما، أو عندما يشير لك إلى لعبة فهو يريد أن يقول لك أنه يريد الحصول عليها، أو أنها قد أعجبته.
التكرار هو ما سيجعل ما سبق ذكره ذو فائدة، لذا تحدث مع طفلك عن كل شيء، قد لا يفهم منك في البداية ولكنه لاحقاً سيفهم ما تحدثه إياه ولو جزء صغير منه، في المرحلة الأولى من عمره حاول ألا تستخدم الكثير من الكلمات المختلفة، بل أعمد على تكرار بعض الكلمات في العديد من المواضع.
وعند تجاوز هذه المرحلة إبدأ معه بأمور أخرى كأن تحدثه عن شيء فعلته أو تفعله الآن أو ستفعله في المستقبل، دعه هو أيضاً يتحدث ليصبح قادراً على سرد القصص، اجعله يسرد لك قصصا في زمن الماضي وأخرى في المستقبل.
فمثلاً خطط معه لزيارة الجدة الأسبوع القادم، وما الأمور التي ستفعلونها في هذا الزيارة، فهنا تكون قد استخدمت الزمن المستقبل، وبالنسبة للزمن الماضي، يمكنكم التكلم مثلاً عن الأحداث التي جرت في رحلة الشاطئ الأخيرة.
مهمة أخرى موكلة للآباء في رحلة تحسين لغة أبنائهم، هي القيام بإضافة كلمات جديدة في سياقات مختلفة وعلى دفعات، فهذا يتيح للأبناء فهم معنى الكلمات الجديدة واستخداماتها.
شيء مهم يجب ألا نغفله مع أبنائنا هو قراءة الكتب معهم، في المراحل الأولى اختر الكتب التي تحوي على الكثير من الصور، هذا سيشكل له دافعا للتكلم والمشاركة، ثم وبالتدريج غير نوعية الكتب واجعلها أكثر تعقيداً وطرحاً للأفكار والكلمات. وفي المراحل المتقدمة أشر للكلمات التي تقرئها فهذا يدفع الطفل لإيجاد الرابط بين الكلمة المسموعة والكلمة المقروءة، وهذا بالطبع سيسهل عليه مستقبلاً عملية تعلم القراءة والكتابة.
خطوة مهمة عليك اتباعها مع طفلك في رحلته تلك، هو أنه وفي حال طرح فكرة، ومهما كانت طريقته بدائية وصعبة الفهم، هنا تأكد أن تعيره انتباهك ولا ضير في أن تجعل فكرته تلك محور الحديث. مثال على ما سبق، عندما ينطق طفلك كلمة ”تفاحة“ قل: ”هل تريد تفاحة عزيزي“. ”هذه تفاحة حمراء… سآكل معك هذه التفاحة اللذيذة“.
هنا نكون قد انتهينا من سرد بعض الأشياء التي يتوجب علينا فعلها كأب لمساعدة أبنائك في تحسين لغتهم، والآن سنعرض التطورات التي يجب أن نلحظها في لغة أبنائنا خلال السنوات الستة الأولى من عمرهم:
2~12 شهرا:
في هذه المرحلة سيكتفي طفلك بالضحك والسجع، اللعب مع الأصوات والتواصل مع الآخرين عن طريق الإيماءات. الثرثرة غير المفهومة هي خطوة مهمة في العام الأول للطفل، ولدى معظم الأطفال تبدأ الكلمات بالتشكل بعد الشهر الثاني عشر من عمر الطفل.
وفي مرحلة ما قبل الشهر الثاني عشر، يحاول الطفل جعل تلك الأصوات غير المفهومة، وسيلة ليعبر بها عما يريد.
12~18 شهرا:
وبعد الشهر الثاني عشر من مسيرته تلك، تبدأ غالباً حينها أول الكلمات بالظهور، وتكون جمل الطفل هنا خليط من أصوات غير مفهومة وبعض الكلمات التي ظهرت مؤخراً. ولا يزال الطفل في هذه المرحلة يسعى ليزيد رصيد مفرداته.
وكما ذكرنا آنفاً، فإن الطفل يسمع ويستوعب كلمات أكثر من تلك التي هو قادر على نطقها. لذا، وفي هذه المرحلة قد يدرك بعض الأوامر الموجهة إليه، فعلى سبيل المثال، الطفل غالباً يدرك منك نهيك عن فعل أمرٍ ما وذلك عندما تقول له ”لا“، ولكنه غالبا لا يطيع نهيك هذا!
المرحلتان السابقتان مهمتان جداً في رحلة الطفل لتحسين لغته، لذا إن لم تظهر المؤشرات التي سبق ذكرها من إيماءات وأصوات غير مفهومة وبعض الكلمات البسيطة، فهنا يتوجب عليك استشارة طبيب الأسرة أو اختصاصي ما.
18 شهرا ~ عامين:
في عامه الثاني يكون الطفل قد حصل على العديد من الكلمات الجديدة، وتبدأ جمله باحتواء كلمتين أو أكثر، وسيبدأ بفهم معظم ما ستقوله له، ومعظم كلامه سيكون مفهوم بالنسبة لك.
في هذه المرحلة إن لاحظت عدم ازدياد رصيد طفلك من الكلمات فعليك مراجعة طبيب الاسرة بشكل مباشر.
2 ~ 3 أعوام:
جمل طفلك ستبدأ بالتعقيد أكثر وستلاحظ تحسن جيد في نطقه. وسيمتلك القدرة على اللعب والتكلم في نفس الوقت، حيث لن يكون التكلم بالنسبة له عملية معقدة كما كانت بالمراحل السابقة. بل وفي هذه المرحلة، سيكون بمقدور الغرباء أيضا فهم معظم ما يتحدث به طفلك.
3 ~ 5 أعوام:
الآن طفلك في مرحلة ما قبل المدرسة، وهو الآن يريد أن يتحدث كثيراً، وجمله ستكون أكثر تعقيداً وسيستخدم قواعد اللغة بشكل جزئي في هذه المرحلة، وطبعاً رصيد كلماته مستمر في التزايد.
5 ~ 6 أعوام:
في سنوات الدراسة الأولى، ستكون أهم انجازات طفلك اللغوية هي المزيد والمزيد من الكلمات الجديدة، وسيمتلك القدرة على وضع تلك الكلمات في سياقات مختلفة وسيصبح سارد قصص بارع. وسيبدأ الآن تحسين مخارج الأحرف وربطها مع باقي قدراته اللغوية السابقة وتلك التي سيكتسبها لاحقاً.
الكلام واللغة: ما هو الفرق بينهم؟
التكلم يعني التحكم بالأصوات التي تنتج الكلمات، وهي عملية فيزيائية يتحكم بها الدماغ. الكلام يحتاج لحركات دقيقة يقوم بها كل من اللسان والشفتان والفك والحنك والرئتين والحنجرة.
القيام بتلك الحركات بدقة يحتاج لممارسات عديدة يقوم بها الطفل في عامه الأول. وتأخر الطفل عن نطق بعض الأحرف دون غيرها مبررة أن بعض مخارج الأحرف تحتاج لإتقانها إلى ممارسة أكثر من مخارج أخرى.
وبينما اللغة هي الكلمات التي يتعلم طفلك كيفية استخدامها وفهمها. فاللغة تتضمن التكلم والكتابة. وبتفصيل أكثر، الأجزاء التي تتألف منها اللغة هي المفردات (الكلمات) والنحو (القواعد) والحوار (التكلم).
حيث أن المفردات هي رصيد المرء من الكلمات، وهي كقاموس مخزن في الذاكرة طويلة الأمد. وبالنسبة للنحو (قواعد بناء الجملة) هي مجموعة من القواعد التي تحدد كيفية استخدام المفردات ضمن سياق الجملة.
وهذه القواعد يتعلمها الطفل بشكل عام من خلال الممارسة. ونختم بالحوار والذي هو عبارة عن مهارة يكتسبها الطفل لتحويل جمله لمحادثة، فيسرد قصة أو يخبر نكتة أو يكتب رسالة.